تجربة العطاء الذكي في معهد "سعودي أوجيه" لتدريب الشباب

تجربة العطاء الذكي في معهد "سعودي أوجيه" لتدريب الشباب

ثمة مشكلة هنا يشير إليها الباحثون دائما كلما تطرق الحديث إلى بعض مفاصل التنمية المستدامة في المملكة، ويمكن أن نلخص هذه المشاكل جميعا في تلك الفجوة الواسعة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. فهذه الفجوة هي التي تتسبب في عدم دمج وانخراط الشباب السعوديين في سوق العمل، والتي تحتاج إلى مستويات معينة من التأهيل والكفاءة، وبالتالي يؤدي هذا إلى بطالتهم من ناحية، واستحالة توطين سوق العمل من ناحية أخرى، حيث تظل السعودة مجرد شعار صعب التحقيق واقعيا. والحل فيما يرى تقريبا، كل المسؤولين في قطاعات العمل هو في إعداد هؤلاء الشباب بشكل جيد وتأهيلهم لدخول سوق العمل كمنافسين حقيقيين، وليس فقط كحاملين للهوية. ومدفوعة بالحس الملتزم، وبالحس العملي الواقعي، حيث قامت شركة سعودي أوجيه بافتتاح معهد سعودي أوجيه للتدريب في العاصمة الرياض العام الماضي بتكلفة تجاوزت نحو 150 مليون ريال سعودي على مساحة 140 ألف متر مربع، كأكبر مشروع مهني تعليمي في المنطقة من حيث كلفة البناء وتعدد التخصصات فيه، ووفرة بيئات العمل التدريبية حيث تعددت المعامل والورش والغرف الفندقية والمطاعم. وستقوم الشركة أيضا بافتتاح معهد لتدريب البنات في مطلع شهر شباط (فبراير) 2009 المقبل، ويشتمل على العديد من التخصصات مثل تقنية الحاسب الآلي وبرمجيات التقنية الإدارية والمحاسبة والتدبير الفندقي والموارد البشرية وغيرها. ويلاحظ أن التخصصات التي يقوم المعهدان بإعداد الشباب من الجنسين بهما، هي تخصصات في أغلبها تلبي احتياجات الشركة بمختلف نشاطاتها العملية، سواء من مجالات التطوير العقاري أو الفندقة أو الصيانة، أو التشغيل أو الإنشاءات الترفيهية. وفي نموذج "معهد سعودي أوجيه" يتجلى "مفهوم العطاء الذكي" بشكل واضح، وهو كما قلنا من قبل، هو العطاء المرغوب والمطلوب اجتماعيا والمدروس بعناية، وهو العطاء المستدام الذي يلبي احتياجات المجتمع، وأن يكون هذا العطاء على علاقة بنشاط الشركة. فالمعهد يقوم بتدريب ما يزيد على 600 شاب سعودي في عدد من الدورات التأهيلية القصيرة ذات الثلاثة أشهر، وذلك ضمن البرنامج المجاني الذي تقدمه شركة سعودي أوجيه، مساهمة منها في تأهيل الشباب السعودي لدخول سوق العمل. حيث يوفر خلالها المعهد للطالب أرقى وأعلى مستويات التدريب والتعليم عن طريق مدربين ذوي كفاءة عالية، إضافة إلى التدريب في مختبرات ومعامل وورش تدريبية تم تصميمها وتجهيزها على أحدث التقنيات في العالم، وتشمل تخصصات برامج التدريب دبلومات في مجال الكهرباء والإلكترونيات وتقنية المعلومات والتبريد والتكييف والفندقة، إضافة إلى عدد من البرامج والدورات التأهيلية التخصصية، ويقدم المعهد كافة هذه البرامج مجانا. بل ويقدم مكافأة مالية مجزية للمتدرب طوال فترة التدريب، وتسجيله مباشرة في التأمينات الاجتماعية، حيث يعتبر الطالب موظفا مجرد توقيعه على العقد المبرم بينه وبين الجهة الموظفة، وذلك بموجب اتفاقيتي دعم للتدريب منته بالتوظيف بين صندوق الموارد البشرية وشركة أوجيه لتوفير 327 فرصة وظيفية. وسيستمر المعهد - كما يقول عبد الله بن سعد العبيد المدير التنفيذي له: إنه بتوجيه من مجلس إدارته ومن مدير عام شركة سعودي أوجيه من إتاحة فرصة تأهيل الشباب السعودي كل ثلاثة أشهر، آخذا في الاعتبار حاجة سوق العمل للكوادر الفنية المتخصصة، مشيرا إلى أن هذه الدورات مكلفة ماديا وبعضها يتجاوز السبعة آلاف ريال في المعاهد التجارية الأخرى، كما أن المعهد درس احتياج السوق من مخرجات تخصصية مطلوبة، وقد تم اختيار تلك الدورات لها. ولا يسعك إلا أن ترى في هذه الخطوة نوعا من "العطاء الذكي" الذي يتفق وأهداف مؤشر المسؤولية الاجتماعية للشركات ويحققها، وفي الوقت نفسه يحقق أهداف الشركة في الازدهار والنمو والتوسع، لاندراجه تحت لائحة التنمية المستدامة، التي تتحقق فيها فائدة جميع الأطراف: الدولة، المجتمع والشركة. فالدولة والمجتمع يمثلان هذا النوع من العطاء الذكي فتتقلص لديهما كثافة البطالة بين الشباب الذين تتوفر أمامهم فرص العمل والتوظيف بدورهم، ويكسب الوطن وتكسب الشركة كوادر عاملة مؤهلة ومدربة بأفضل مستوى تلبي احتياجاتها من الموارد البشرية الفاعلة ويرتفع مستوى دخل الأفراد ومستوى معيشتهم بالتالي رفاهتهم. وهكذا في "العطاء الذكي" يربح الجميع.
إنشرها

أضف تعليق