Author

فوز أوباما يعني أن الانتخابات المقبلة يجب خوضها عبر الإنترنت

|
كما قال الموسيقار بريان إينو في برنامج كويسشن تايم Question Time الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية، إن انتصار أوباما كان أول انتخاب رئاسي أمريكي يتم الفوز فيه على الإنترنت. وبينما ركز معظم النقاد على قضية العرق، كان هناك عامل تم تجاهله إلى درجة كبيرة وهو توجهه التكنو – سكاني القوي. إننا نعرف أن انتصار أوباما البارز كان إلى حد ما يعود إلى نمو تلقائي سريع للتأييد بين الأمريكيين الشبان، ففي أوائل أيام حملته، كان مستطلعو الآراء السياسية يلاحظون أن أوباما كان "يحرك أصوات الشبان"، وثبتت صحة هذا الرأي، فاستطلاعات آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم يوم الثلاثاء، كشفت أن أوباما فاز بنحو 70 في المائة من الأصوات بين الأمريكيين الشبان دون الـ 25، وهي أعلى نسبة منذ بدء استطلاع آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم عام 1976، وبكلمة واحدة فإن أوباما حظي بنمو تلقائي سريع من التأييد بين جيل فيس بوك. وهذا هو أول انتخاب حاول فيه جميع المرشحين للرئاسة والكونجرس، أن يتصلوا بشكل مباشر بالناخبين الأمريكيين عبر مواقع التشبيك الاجتماعي على الإنترنت مثل فيس بوك ومايسبيس (حتى أنه أطلق عليه "انتخاب فيس بوك"). وليس من قبيل الصدفة أن أحد استراتيجيي أوباما الرئيسيين كان كريس هوفز، 24 سنة، وهو مؤسس مشارك لفيس بوك، وقد دبر هوفز حملة الإنترنت الكفؤة جداً لأوباما اعتماداً على كل شيء من مواقع التشبيك الاجتماعي إلى الإرسال عبر البودكاست والرسائل الهاتفية. وكان فيس بوك واعيا لدوره القوي فجأة في السياسة الانتخابية الأمريكية، ففي أثناء الحملة الرئاسية أطلق الموقع منبره الخاص لتشجيع الحوارات على الشبكة حول قضايا الناخبين، وانضم فيس بوك أيضا إلى الشبكة التلفزيونية الكبيرة إيه بي سي،ABC، لتغطية الانتخابات والمنابر السياسية، وانضم مرفق إعلامي قديم آخر، سي إن إن مع يوتيوب لعقد حوارات رئاسية. إن استخدام أوباما الحاذق لمنابر 2.0 على الشبكة، يشكل ثورة كبيرة في السياسة الانتخابية – في أمريكا وأماكن أخرى – حيث يتحول القيام بالحملة الانتخابية من آلات سياسية من طراز قديم، تركز على جذب أولئك الذين يتبوأون رأس الهرم في المنظمات إلى الدينامية الأفقية للشبكات الاجتماعية على الإنترنت. والشبكة وهي وسيلة ملائمة للحركات السياسية القاعدية الحقيقية، تغير دينامية قوة السياسة. فليس هناك أي موانع أمام الدخول إلى مواقع مثل: فيس بوك ويوتيوب، فالقوة تحول نحو الأطراف لأن بإمكان الجميع أن يشاركوا، ويتم استخدامها ليس فقط للحصول على الأصوات بل – كما أظهرت حملة أوباما – لجمع التبرعات من القاعدة التي بلغت أكثر من 160 مليون دولار (80 مليون جنيه استرليني)، من أناس تبرعوا بمبالغ صغيرة نسبياً، 200 دولار أو أقل. لكن ما هو ملحوظ جداً إزاء جهود فريق أوباما على الإنترنت يتمثل في مدى كونها رخيصة نسبياً، حيث تقول تك تشيرتش TechChurch أن إنفاق أوباما وإعلاناته على الشبكة كانت ضئيلة بالمقارنة – 7.97 مليون دولار (أربعة ملايين جنيه استرليني) وهو مبلغ يبدو ضئيلاً إذا قورن بالإنفاق التلفزيوني، بما فيه 4 ملايين دولار على برنامج تلفزيوني خاص مدته نصف ساعة في الأسبوع الأخير وحده. (وكان مبلغ 3.5 مليون دولار الذي أنفق على الشبكة) قد أعطي لأبحاث جوجل وكانت الأرقام التي أنفقت على فيس بوك صغيرة مجموعها 467 ألف دولار، أنفق منها نحو 370 ألفاً في أيلول (سبتمبر). لكن الأمر المتعلق بالشبكة هو أنها مكان متدني التكلفة ويمكن الوصول إليها بدرجة كبيرة، ووفقاً لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث، ومقره في أمريكا، فإن 46 في المائة من الأمريكيين يستخدمون الشبكة أو يرسلون البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية للأخبار المتعلقة بالحملة الرئاسية، للمساهمة في الحوار أو تعبئة الآخرين، وقال 35 في المائة من الأمريكيين أنهم شاهدوا أشرطة الفيديو السياسية على الشبكة، أكثر بثلاث مرات عما كان الحال في الانتخاب الرئاسي عام 2004. وربما كان أمراً غير مثير للدهشة أن يوتيوب لم تكن أنشئت في ذلك الحين. وقال نحو 10 في المائة أنهم كانوا يلجأون إلى مواقع تشبيك اجتماعي للانخراط في الانتخاب. وأوباما الذي كان في أغلب الأحيان يبعث برسائل على هاتفه البلاكبيري خلال الحملة، كان يدرك جيداً القوة الانتخابية للشبكة، وباستخدام كل مواقع 2.0 على الشبكة فإن حملته لم تستخدم فقط فيس بوك ويوتيوب، بل استخدمت أيضا مايسبيس وكوميتر، وفليكر، وديج، وبلاك بلانيث، ولينكدان، وايشبان ايف وماي جنت، وجلي، وأخرى. وكان أوباما أكفأ سياسي في استخدام الشبكة خلال الحملة الرئاسية، ليس فقط ضد جون ماكين، بل ضد منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في وقت سابق. وخلال السنتين الماضيتين كان فيس بوك منطقة مؤيدة جداً لأوباما، وبينما كان النقاد السياسيون يتابعون المعركة الشديدة بين أوباما - كلينتون كان أوباما يتفوق على منافسته الديمقراطية على فيس بوك، وفي أوائل 2007، قبل أكثر من سنة من فوزه بترشيح حزبه، اجتذب أوباما عدداً ضخماً من الأتباع على فيس بوك، بينما كانت هيلاري كلينتون تصارع الأثر السلبي لحركة على فيس بوك تسمى "أوقفوا هيلاري كلينتون"، وبينما اجتذبت منصة أوباما على فيس بوك أكثر من 250 ألف عضو، سجلت صفحة كلينتون رقماً ضئيلاً، 3200 عضو. وقد يكون أوباما وهو في الـ 47 من العمر، أكبر من المستخدم العادي فإنه سياسي طبيعي على فيس بوك، فعلى سيرته الشخصية على فيس بوك – التي أظهرت شعاره: لحظتنا الآن" ذكر أوباما أسماء موسيقيين محبوبين مثل مايلز ديفز وستيفي ووندر، وبوب ديلان، وذكر هوايات في وقت فراغه: كرة السلة والكتابة والتسكع مع الأطفال". وعلى نقيض ذلك، فإن جون ماكين ابن الـ 72 من العمر، لم يستطع الاتصال على فيس بوك وذكر إحدى هواياته في وقت فراغه: صيد السمك وهي هواية قد تكون شعبية في بعض الأماكن ليست مثيرة، وذكر اسم فيلم رسائل من أيوو جيما Letters from Iwo Jima من بين الأفلام المفضلة عنده، وتم السطو على سيرته على الإنترنت واستبدلها أحد المحبين للدعابة ووضع محلها إعلاناً زائفاً حول السياسية وكتب قائلاً: "أعزائي المؤيدين أعلن لكن اليوم أنني غيرت موقفي لأخرج بتأييد كامل لزواج المثليين.. وخصوصاً الزواج بين امرأتين شهوانيتين". إن الإحصائيات تنبئ بالواقع، فقد حظي أوباما بأكثر من مليوني مؤيد أمريكي على فيس بوك، ولم يحصل ماكين على أكثر من 600 ألف بقليل، وعلى منبر المدونات تويتر، استطاع أوباما أن يحصي أكثر من 112 ألف مؤيد يدعون إلى انتخابه، أما ماكين فكان له 4600 مؤيد على منبر تويتر، ووجدت خريطة تمثل التأييد المعلن من قبل مستخدمي تويتر الأمريكيين أن كل ولاية هي ديمقراطية بشكل ساحق، فيما عدا ساوت داكوتا التي كانت ديمقراطية "باعتدال". وعلى يوتيوب أنزل مؤيدو أوباما أكثر من 1800 شريط فيديو على قناة BarackObama.com التي سجلت نحو 115 ألف مشترك. واجتذبت القناة أكثر من 97 مليون مشهد فيديو من قبل نحو 18 مليون زيارة للقناة وإذا قارنت هذا بقناة JohnMcCain.com فإنها اجتذبت أكثر بقليل من 28 ألف مشترك، واجتذبت قناة ماكين بالكاد أكثر من مليوني زيارة ونحو 25 مليون مشهد فيديو، وهزم أوباما ماكين بنسبة 4 إلى 1. وكانت رصاصة الرحمة على موقع يوتيوب القنبلة شديدة الانفجار: شريط فيديو "نعم نستطيع"، والحساب الفيروسي لشريط الفيديو ذاك، الذي شاهده ملايين الأمريكيين بعد أيام فقط من تنزيله على فيس بوك أعطى مصداقية انتخابية راسخة لأوباما في وسط أمريكا، وفجأة كان مثل نجم بوب على MTV، وشريط الفيديو لم يصنعه فريق حملة أوباما فقد تم إنتاجه عفوياً، من قبل نجم الهيب هوب وليام، من فرقة Black Eyed Peas. وأوباما استخدم أيضا رسائل البودكاست والرسائل الانتخابية إلى أجهزة الموبايل بكفاءة وفاعلية (كان يفعل ذلك حين كان سيناتوراً أمريكياً)، وكما قال أحد المراقبين: "بينما كان أوباما يستغل البودكاست بشكل جيد، فإن جون ماكين كان غائباً في هذا المجال". وخرجت حملة ماكين أخيراً بفكرة وضع لعبة فيديو على صفحته في الفيس بوك بعنوان Pork Invadors، ليبين تصميم المرشح، بطل الحرب على التصدي "لمحاسيب" واشنطن (حيث يسعى السياسيون إلى وضع خطط مجزية لهذه المناطق كتشريع، لضمان إعادة الانتخاب أو لرد الجمائل على انتخابهم). وفي الوقت ذاته فإن فريق أوباما كان يستخدم قوة تأثيرات الشبكة من خلال قائمة أوباما" للاستخدام في iPhones والذي سمح للمؤيدين بنشر رسالة أوباما إلى كل شخص على قائمتهم". وكانت الإنترنت قد استخدمت في الحملات السياسية، لكنها استخدمت في الأساس لجمع الأموال، ومع تحول الناخبين بالملايين إلى الإنترنت للتواصل، و شراء أشياء والمشاركة في السياسة، فإن الذين يسعون إلى المناصب يسارعون إلى إقامة وجود على الشبكة والاتصال بالقاعدة، وخلال الانتخابات الأمريكية كان لأكثر من 500 سياسي أمريكي صفحتهم الخاصة على فيس بوك. وسيفعل كثيرون آخرون هذا في الانتخابات المستقبلية – ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضاً في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا والدول الديمقراطية الأخرى. وفي بريطانيا يوجد لجوردون براون قناة Number 10 على يوتيوب، حيث يستطيع الناخبون أن يقدموا لرئيس الوزراء أسئلة ويروا الإجابات عنها، وفي الوقت ذاته فإن كثيراً من السياسيين البريطانيين الآخرين، يستخدمون صفحات فيس بوك للاتصال مع الناخبين في دوائرهم الانتخابية. والنائب الديمقراطي الليبرالي، ستيف ويب، ذاع اسمه لوقت قصير حين قام فيس بوك، بشكل أثار سخطه، بإلغاء سيرته الذاتية لاعتقادها أنها مزيفة، وكان الديمقراطي الليبرالي الأكثر تلوناً، ليمبت أوبك، يستخدم فيس بوك في سعيه إلى رئاسة الحزب، والمحافظون من جانبهم، لهم صفحة على فيس بوك، تظهر شعارهم غير المؤثر.. "وطنك في حاجة إليك"، وفي العام الماضي استخدم دافيد كاميرون الموقع لإطلاق تعهدات في السياسة وأطلق حملة إعلانية بقيمة 500 ألف جنيه استرليني، لاجتذاب "أصدقاء على الشبكة"، وسياسيو حزب العمال على فيس بوك يضمون بيتر هين وهيلاري بن وهازل بليرز. لكن بليرز، وزير المجتمعات تحمل بشكل واضح مشاعر مختلطة حول قوة الناس على الشبكة وبينما قامت أخيرا بالتحسر على الانفكاك المدني عن السياسة في بريطانيا بالمقارنة مع الزيادة المؤثرة في المشاركة السياسية في أمريكا فإن بليرز صبت جام غضبها على أصحاب المدونات السياسية وذلك لأن كثيراً منهم حسبما يبدو محافظون. وفي الحقيقة فإن الدينامية الاجتماعية المستمرة لعالم 2.0 تعطي منفداً حراً للجميع، وعلى السياسيين البريطانيين المتخلفين فعلاً عن نظرائهم الأمريكيين أن يوظفوا طاقاتهم، ومن الآن فصاعداً، فإن النجاح في السياسة الانتخابية يعتمد على امتلاك أصدقاء في أماكن متدنية.
إنشرها