FINANCIAL TIMES

الآن الأسهم ذات الأسعار العادلة فرصة جذابة

الآن الأسهم ذات الأسعار العادلة فرصة جذابة

الآن الأسهم ذات الأسعار العادلة فرصة جذابة

لدينا أنباء سيئة وأنباء جيدة. الأنباء السيئة أن الاقتصاد العالمي يتأرجح على حافة ما يمكن أن يعتبر أكبر تباطؤ مدمر منذ الحرب العالمية الثانية. وإن صانعي السياسة في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً في البلدان ذات الفائض والمتهاونة بصورة غير مناسبة، لم يبدأوا فهم ما يمكن أن يعنيه ذلك. الأنباء الجيدة هي أنه بعد فترة طال عليها الأمد من ارتفاع أسعار الأسهم فوق قيمها الحقيقية، أصبحت الأسعار في أسواق الأسهم أخيراً أسعاراً جذابة. يجب أن يكون في هذا ما يغري المستثمرين وحتى الحكومات الجريئة. كيف تقاس قيمة من القيم الأساسية؟ هناك طريقتان: الأولى هي طريقة "كيو" Q، والثانية هي "نسبة سعر السهم إلى ربحه معدلة دورياً". الطريقة الأولى مأخوذة من عمل جيمس توبين (1918 – 2002) الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل. الحرف كيو هو نسبة قيمة سهم معين (أو قيمة سوق الأسهم ككل) إلى صافي الموجودات، حسب قيمة الاستبدال. في البداية اقترح توبين هذه النسبة كسبيل لشرح الاستثمار. وأدرك أندرو سميذرز، من مؤسسة سميذرز آند كومباني Smithers & Co في لندن، وهو الذي أخذت منه هذه البيانات، أن كيو يمكن أن تُقلَب لتقييم سوق الأسهم، بمعنى أنه عندما تكون قيمة كيو مرتفعة فإن ذلك يشير إلى هبوط سوق الأسهم وليس إلى الاندفاع في الاستثمار، والعكس بالعكس. فإذا وضعَت سوقُ الأسهم القيمةَ الصافيةَ لشركة معينة بصورة تزيد كثيراً على تكلفة إعادة خلق موجوداتها، فإما أن تتوسع الموجودات أو يجب أن ينخفض التقييم السوقي للشركة. يجادل سميذرز بأنه من الناحية العملية فإن كون السوق مخطئة هو أكثر ترجيحاً من القرارات الاستثمارية للشركات. الطريقة الثانية للقياس تُستخدَم، على وجه الخصوص، من قبل روبرت شيلر، الأستاذ في جامعة ييل. المقام في الكسر هو الوسط المتحرك لأرباح الشركة على مدى عشر سنوات، بالمعدلات الحقيقية. الهدف من هذا التعديل إزالة الآثار الدورية على الأرباح (وهي الآثار التي تجعل نسبة السعر إلى الربح تبدو قليلة عند ذروة الدورة، حين تتجاوز الأرباح المستويات المستدامة). في الأوقات التي يمكن فيها تحقيق زيادة سريعة في معدلات الديون الثقيلة، مثل سنوات العقد الأول من هذا القرن، فمن المرجح أن تكون الأرباح المعدلة دورياً دون معنى بصورة خاصة، لأنها معرضة بصورة مكثفة للتقلبات في الظروف الاقتصادية. يجب ألا ننسى أن الاقتراض المكثف سلاح ذو حدين. #2# هذان المؤشران، إذا تم قياسهما على النحو السليم، يفترض فيهما إعطاء النتيجة نفسها. ويتبين عند قياس كيو وقياس نسبة سعر السهم إلى ربحه معدلة دورياً، بالنسبة إلى الأرقام الأمريكية على المدى الطويل، أنهما يعطيان النتيجة نفسها. ما الذي يمكن إذن أن نفهم من ذلك؟ سأركز كلامي على خمسة استنتاجات رئيسية. أولاً، تُظهِر التقييمات دورات ملموسة على المدى الطويل. فهذه ليست "مشية عشوائية". لكن هذه الدورات طويلة جداً إلى درجة أن من المستحيل تماماً بالنسبة للمستثمرين أن يفلحوا في المراهنة ضدها. إذ ستنفد أموالهم قبل أن تغير الأسواق المدفوعة بالزخم رأيَ هؤلاء المستثمرين. وهذا هو السبب في أن الأسواق يمكن أن تكون عديمة الكفاءة ومع ذلك يستطيع تحقيق الربح بسهولة من المراهنة ضدها. ثانياً، شهدت السوق ثلاث ذُرى منذ عام 1920: الأولى عام 1929، والثانية عام 1965، والثالثة، وهي أكبرها جميعاً، في 1999 (عند احتسابها وفق نسبة سعر السهم إلى ربحه معدلة دورياً). وفي جميع هذه الحالات كانت الفترة اللاحقة تتسم بتراجع الأسعار وهبوط السوق. بعبارة أخرى كانت الذُرى هي أوقات عصيبة "للشراء والاحتفاظ بالأسهم"، وهي الاستراتيجية التي كان موصىً بها في التسعينيات. ثالثاً، شهدت السوق كذلك فترتين من تراجع الأسعار إلى مستويات دنيا منذ عام 1920، الأولى كانت عام 1932 والثانية في 1981. هاتان الفترتان كانتا من الأوقات الممتازة لشراء الأسهم. سيكون من المفيد لو أن المشترين يتحلون بالصبر. فالفترة الممتدة من القاع إلى الذروة اللاحقة كانت 33 سنة و18 سنة، على الترتيب. رابعاً، تمر سوق الأسهم الأمريكية بحالة من التراجع وهبوط الأسعار منذ عام 2000، مع فترتين اتسمتا بهبوط ملحوظ، من عام 2000 إلى عام 2002، ومن عام 2007 حتى الآن. في الفترة الأولى ظل استثمار الشركات ضعيفاً في الوقت الذي انهارت فيه أسعار الأسهم. وفي الفترة الثانية، التي اتسمت بفقاعتي الائتمان والإسكان، والتي يفسرها إلى حد ما استجابة البنك المركزي الأمريكي إلى ذلك الضعف الاستثماري، انهارت أسعار الأسهم تماماً. القصة طبيعية ومألوفة: فترة تراجُع الأسعار في أسواق الأسهم تتطابق في العادة مع فترات الركود الاقتصادي. أخيراً، تعتبر تقييمات اليوم أدنى بكثير من المتوسط وذلك للمرة الأولى منذ عام 1988 (بمقياس نسبة سعر السهم إلى ربحه معدلة دورياً) وفي 1991 بمقياس كيو. هذا لا يعني أنها لا يمكن أن تهبط أكثر من ذلك بكثير، وفي الظروف السيئة من المرجح أنها ستفعل ذلك. لكن ما لم يكن المرء يتوقع حدوث كساد عظيم آخر، أو حرباً عالمية، فإن التاريخ يشير إلى أن التقييمات لن تظل أدنى من المستويات الحالية لأكثر من 15 سنة، أو نحو ذلك، مثلاً. ربما لن يبدو ذلك وكأنه أمر يدعو إلى الإغراء. لكن الأمر يختلف عما كان يجادل به أناس من قبيل البروفيسور شيلر وسميذرز عام 1999، حين كان التاريخ يشير إلى أن من الممكن ألا نرى التقييمات التي من هذا القبيل ثانية على الإطلاق. الناس العقلانيون كان يحسن بهم أن يشتروا الآن وليس في عام 1999. وكما جادل وارين بوفيت، من الأفضل الشراء حين تكون "السيدة السوق في حالة خوف ورعب" وليس حين تكون جريئة. متوسط التقييمات لسوق الأسهم الأمريكية تُناظِر عائداً حقيقياً بحدود ستة ونصف إلى 7 في المائة، وهو ما يعني ضمناً دفعَ "مبلغ إضافي مقابل التأمين على المخاطر"، أي هامش العائد على السندات الحكومية المأمونة، بحدود 4 نقاط مئوية. هذا الرقم ظل لفترة طويلة يبدو رقماً عالياً. خلال فترة الاندفاع الكبيرة للسوق في عقد التسعينيات جادل البعض حتى بأن المبلغ الإضافي الذي من هذا القبيل لم يكن له ما يبرره. لكن إذا تساءل المرء لماذا يجدر بحاملي الأسهم أن يشعروا بالعزوف عن المخاطر فكل ما عليه هو أن ينظر إلى التاريخ. بالنسبة للبشر الفانين تُعتبَر المخاطرة أن يَعْلَقَ الإنسان في سوق متراجعة (بمعنى المرور في فترة من التقييمات تكون دون المتوسط) لمدة 15 سنة، كما حدث خلال الفترة من 1973 إلى 1988. وأي شخص على وشك التقاعد اليوم يعلم ذلك. البيانات القابلة للمقارنة بشكل مباشر غير متوافرة بالنسبة للأسواق الأخرى. لكن البيانات الخاصة بنسب تقييم سوق الأسهم إلى الناتج المحلي الإجمالي للعالم، والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، منذ عام 1980، لها نمط شبيه بالأنماط الأمريكية. التوافق والتناظر بين الأسواق قريب تماماً إلى درجة أن ما ينطبق على الولايات المتحدة يفترض فيه أن ينطبق على بقية الأسواق. أما اليابان فوضعها مختلف. فقد كانت ذروة التقييمات هناك في 1990. من التحليل السابق أخْلُص إلى أربعة استنتاجات. الأول، أن المستثمرين من ذوي الآفاق الزمنية الطويلة (أي الشباب صغار السن نسبياً، أو المؤسسات) أمامهم الآن، للمرة الأولى منذ نحو عقدين من الزمن، تقييمات سوقية جذابة، وإن لم تكن جذابة على نحو مذهل. الثاني، توجد مع ذلك ضغوط هائلة تدفع بالأسعار إلى المزيد من الهبوط، في الوقت الذي يأخذ فيه اللاعبون من أصحاب الديون الثقيلة التخلص من الموجودات بأسعار تقل عن المستوى الحقيقي لها. الثالث، أن المستثمرين الساعين إلى العثور على أدنى فترة لهبوط الأسعار ربما يبدأون أخيراً بتزويد بعض رأس المال (مقابل الحصول على أسهم) الذي تحتاجه الشركات (خصوصاً المالية)، بمجرد تعيين الحد الأدنى لأسعار الموجودات في النهاية. أخيراً ربما تتصرف الحكومات على نحو منطقي، كما اقترح بالأمس في منتدى الاقتصاديين في "فاينانشيال تايمز" كل من جون مويلباور، الأستاذ في جامعة أكسفورد، ومايكل سبينس، الأستاذ في جامعة ستانفورد والحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد. تتوافر لدى الحكومات أموال كبيرة ولديها الأفق الزمني اللازم. وتستطيع الحكومات التخلص من الموجودات التي تشتريها الآن حين تتحسن الأسواق. وبالقدر الذي يكون فيه انهيار الأسواق يغذي نفسه بنفسه، فإن الإجراءات التي من هذا القبيل يفترض فيها كذلك أن تعمل على تثبيت الاستقرار الاقتصادي. وبالنظر إلى الإجراءات غير المسبوقة التي اتُّخِذت في الأشهر الأخيرة، فإن هذا الإجراء لا يبدو الآن وكأنه تجاوز كبير لدور الحكومة في الاقتصاد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES