Author

الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة

|
اقترح جوردون براون رئيس وزراء بريطانيا، منذ عدة أسابيع خلال زيارة له إلى الشرق الأوسط ، أن تستثمر دول المنطقة، وهو بالطبع يعني دول الخليج، جزءاً من فائض أموالها التي تحصلت عليها من مبيعات النفط  نتيجة لارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، و ذلك في مشاريع مصادر الطاقة المتجددة في بريطانيا. ونحن نتفق مع اقتراح براون حول ضرورة بدأ الاستثمار في مجالات مصادر الطاقة البديلة، ولكننا لا نتفق معه على مكان الاستثمار. فالأولى أن يكون استثمار أموالنا في مشاريع تعود علينا بالخير على أرضنا، ولا بأس من إبرام اتفاقيات تعاون فني وتجاري بيننا وبينهم، هم يمدوننا بالخبرات الفنية والتقنية ونحن نشارك بأموالنا وبسواعد أبنائنا. وهناك منْ سيعتبر أنَّ هذا التوجه من جانبنا يناقض نواميس الطبيعة، وربما يستغربون أنَّ دولاً لديها كميات هائلة من الاحتياطي النفطي وتريد أنْ تستثمر فائض أموالها في مصادر منافسة للنفط كمصدر للطاقة. ونحن في الوقت نفسه، نؤكد أن هذا هو الطريق الصحيح والمنطق السليم بالنسبة لمستقبل بلدنا وأجيالنا، والحفاظ على ثرواتنا النقدية والعينية، ولا خطر على الإطلاق على مستقبل النفط. والنفط  في آخر المطاف وكما هو معروف، في طريقه إلى النضوب، فمن الأفضل لنا وللبشرية أن نوجد له روافد في وقت مبكِّر قبل أن تستفحل أزمة الطاقة نتيجة للنقص المتوقع في الإمدادات النفطية. وكوننا نحث على أن نشارك العالم في الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، فلأننا نؤمن أن ذلك سيجلب لنا فوائد كثيرة ومهمة، سنذكر بعضاً منها:    فبعد الصعود الأخير المفاجئ لأسعار النفط إلى ما يقارب 150 دولاراً للبرميل ولو لفترة قصيرة، بدأ العالم يفكر جدياًّ في ضرورة إيجاد بديل للنفط على المدى البعيد، وسيصبح ذلك حقيقة واقعة. إذاً نحن لا نضيف شيئاً جديداً إذا استثمرنا مثل غيرنا في المصادر الجديدة، خصوصاً أننا سنكون بعد فترة من الزمن أكثر حاجة من غيرنا إلى مصادر الطاقة المتجددة.  ومع احتمال زيادة الطلب على النفط وما يليه من ارتفاع للأسعار، سيتكون عندنا دون أي شك فائض مالي كبير، يتطلب منا أن نجد له مكاناً استثمارياًّ مناسباً، ربما خارج حدودنا، فيكون، كما حدث مراراً، معرضاً لمخاطر الأزمات المالية العالمية التي تأكل الرطب واليابس. فإذا أمكن استثمار ثرواتنا داخل  بلادنا، فهو الأفضل  لنا والأكثر أمناً لأموالنا. وليس ذلك فحسب، فإبقاء وتشغيل الفائض لدينا في مشاريع صناعية داخلية، تبعِد عنا أعين الحسَّاد والمتطفلين الذين لا هم لهم إلا مراقبة مقدار ما نجنيه من بيع النفط ونستثمره في الخارج. نحن، كسائر الأمم، سنكون في حاجة إلى مصادر الطاقة المتجددة عند ما َيقِلُّ إنتاج النفط، أليس من الحكمة وحنكة بُعد النظر أن نكون حينئذٍ في مقدمة المنتجين للطاقة المتجددة، ونكون قد اكتسبنا الخبرة وأسسنا البنية التحتية لصالح ومستقبل أجيالنا؟ ومن الفوائد التي تعود علينا بالخير ولا تقدر بثمن إذا استثمرنا أموالنا  في مشاريع حيوية  وذات مستقبل واعِد داخل بلادنا، هو فرص تدريب وتأهيل شبابنا وإيجاد عمل شريف لهم في مرافق حديثة تخدم مجتمعهم وأمتهم، بدلاً من وضعها تحت إشراف مؤسسات مالية أجنبية أو ندفعها ثمناً لشراء سندات دولية غير مضمونة العواقب. لم نذكر أو نحدد أي مشاريع مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة، أيها أفضل وأنسب لبلادنا، فليس لدينا اختيارات كثيرة. فأي مشروع يحتاج إلى أنهار ومياه كثيرة ليس له مكان في بيئتنا. والطاقة النووية يحتاج تصميمها وبناؤها إلى سنوات طويلة، إلى جانب عدم وفرة المؤهلين لبنائها ومن ثم تشغيلها، ناهيك عن خطورة أمور السلامة التي تجعلها غير جذابة. أما الطاقة المتولدة من حركة الهواء فهي مناسبة وقليلة التعقيد، ولكنها لا تولد طاقة كبيرة. وتبقى الطاقة الشمسية التي هي في نظرنا مثالية في هذه البقعة من الأرض ومصدر لا ينضب.
إنشرها