Author

التعليم الجامعي الأهلي .. بين التبني والإهمال!

|
يُعد التعليم الجامعي الأهلي رافداً مهماً للتعليم العالي الحكومي في أي دولة، بل إن التعليم الجامعي الأهلي أكثر انتشاراً في كثير من الدول المتقدمة. وفي أحيان كثيرة، تتفوق الجامعات الأهلية على الجامعات الحكومية، مثل جامعة هارفارد وجامعة برنستن وغيرهما. وعلى الرغم من أن خطط التنمية السابقة والحالية تدعو إلى توسيع قاعدة التعليم العالي من خلال تشجيع افتتاح الكليات الأهلية، إلا أن تفعيل هذا الاهتمام أ، تأخر كثيراً. فلم يبدأ الترخيص لافتتاح الكليات الأهلية إلا في السنوات القليلة الماضية، مع أنه كانت هناك رغبة لدى بعض رجال الأعمال في افتتاح كليات وجامعات منذ فترة طويلة. نتج عن التأخر في تطوير التعليم الجامعي الأهلي والترخيص له، ذهاب كثير من أبنائنا إلى دول مجاورة، للدراسة في جامعات هزيلة، أو انخراطهم في برامج "مخصصة للطلاب الأجانب" في جامعات أخرى. وهذه هي الكارثة! فعندما تسمع باسم الجامعة التي يدرس فيها أحد الأبناء تطمئن لها، ولكن يتبدد الاطمئنان ويزداد القلق، عندما تعلم أن بعض الطلاب السعوديين يدرسون في برامج مخصصة لهم (أي وحدهم)، بمعنى أن مواطني تلك الدول لا يدرسون في البرامج المخصصة للطلاب السعوديين أو الخليجيين. فبعض الجامعات تقدم برامج دراسات عليا في أيام الخميس خاصة بطلابنا فقط. وفي ضوء هذا الوضع، ومع تزايد أعداد الراغبين في الدراسة في الخارج، وحصول بعضهم على شهادات عليا دون الإقامة والانتظام في مقر الدراسة، فإن الحاجة ماسة إلى تشجيع التعليم الجامعي الأهلي السعودي، ودعمه مادياً ومعنوياً، مع وضع ضوابط مناسبة لضمان الجودة. وفي هذا الخصوص، يمكن طرح بعض الأفكار والمقترحات التالية: أولاً، من سبل الدعم أن تتبنى وزارة التعليم العالي برامج ابتعاث إلى الجامعات الأهلية السعودية أسوة بالجامعات في الدول المجاورة. فعلى الرغم من وجود برامج المنح الدراسية التي تقدمها الوزارة لدعم الطلاب الذين يدرسون في بعض الكليات الخاصة في المملكة، إلا أنها لا تفي بالغرض ولا تحقق الهدف كاملاً. فجامعاتنا الخاصة أفضل بكثير من بعض الجامعات الموجودة في بعض الدول المجاورة التي تقوم وزارة التعليم العالي – أحياناً - بضم الطلاب الدارسين بها للبعثة! وما دام الحال كذلك، فلماذا لا تُقدم بعثات داخلية لجامعاتنا الخاصة الناشئة، لتشجيع هذه الجامعات، وتمكينها من تطوير نظمها التعليمية وتجهيزاتها التقنية بشرط أن تكون برامجها معتمدة من قبل جهات الاعتماد المعروفة؟ وإضافة إلى ذلك، فإن الابتعاث الداخلي ودعم الجامعات الأهلية المحلية سيؤديان إلى توفير التعليم لمن لا يستطيع السفر إلى الخارج. ثانياً: لقد حان الوقت لتفعيل هيئة الاعتماد الأكاديمي – بقوة - بحيث تقوم باعتماد من يستحق الاعتماد من الكليات والجامعات الأهلية والحكومية، ومن ثم يقتصر الابتعاث الداخلي على الجامعات والكليات التي تحصل على الاعتماد الأكاديمي فقط. ثالثاً: تطبيق فكرة دعم البحث العلمي للكليات والجامعات حسب إمكاناتها وحصولها على درجات الاعتماد الأكاديمي، بحيث تمنح الكليات التي تحصل على درجة 10 من 10 – على سبيل المثال – على دعم كبير، في حين لا تحصل الكليات التي تحصل على 6 من 10، إلا على جزء قليل من الدعم المقدم، كما هو مطبق في بريطانيا وغيرها من الدول، وهكذا. رابعاً: المرونة في السماح لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بالتدريس في الكليات الأهلية وفق ضوابط محددة، بحيث لا يؤثر في أعمالهم الأساسية، وذلك من أجل نقل الخبرة الأكاديمية إلى هذه الجامعات الوليدة، وزيادة الإفادة من الكفاءات الوطنية المتخصصة والمتوافرة في الجامعات الحكومية.
إنشرها