Author

حديث الملك.. قول فصل في سلامة اقتصادنا

|
من حق أي مواطن ألا يركن لأي تصريح أو تلميح يأتيه من هناك وهناك حول قوة الاقتصاد الوطني في وجه العاصفة المالية العالمية، وقد يكون من حقه أيضا رسم روابط بين اقتصاد بلاده واقتصادات العالم ويسقط هذه الروابط على استشراف مستقبله. لكن عندما يأتي هذا التصريح جليا من رأس هرم الدولة وهو المسؤول الأول عن سلامة الاقتصاد والمعني الأول باستمرار استقراره، فإن حساسية المواطن يجب أن تنجلي هنا ويأخذ المعلومات المرسلة من رأس الدولة باعتبارها حقائق ثابتة لا تحتمل بأي شكل من الأشكال أن يكون هدفها التطمين فقط. في الحديث الذي أدلى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لصحيفة "السياسة" الكويتية، وتنشره الصحف المحلية اليوم، يلحظ المواطن بجلاء في ثناياه استناد الملك إلى حقائق رقمية وهو يطمئن المواطن على مستقبل اقتصاده ويقطع الشك باليقين حول جوانب مالية واقتصادية ظهرت خلال الأشهر الماضية تزامنا مع اندلاع الأزمة المالية العالمية. والأمثلة عديدة على هذه الجوانب في حديث الملك، ففي الوقت الذي أبدى فيه مواطنون وربما اقتصاديون مخاوفهم من تراجع أسعار النفط إلى حدود 50 دولارا في الأسابيع الماضية وما إذا كانت هذه المعدلات ستمس المشاريع التنموية خلال الأعوام المقبلة، فالملك كان جليا في هذا الجانب حيث قال إن ميزانية الدولة لم تبن أصلا على الأسعار العالية التي سجلتها السوق. أي أن الإيرادات المقدرة للدولة في 2008 والتي وضعت عند مستوى 450مليار ريال لم تبن على أسعار للنفط فوق 100 دولار، ولذلك فإن السعر عندما يتراجع إلى 70 أو 60 دولارا فإن المواطن يجب أن يستحضر أنه ما زال بعيدا عن حسابات ميزانية حكومته وبالتالي لن يمس المشاريع المستقبلية التي أقرت على أسعار دون هذه المستويات. وتوثيقا لهذا التفسير، يقول الملك: خطة الخمس سنوات الإنمائية ستسير وفق ما خطط لها والإنفاق عليها هو رقم معلن ربما وصل إلى أكثر من 200 مليار دولار, وهذا بخلاف ما تم رصده للميزانيات القادمة بكل ما فيها من مشاريع إنشائية وعمرانية وبنية تحتية .. اقتصاد بلدنا متين وقوي وعلى شعبنا أن يكون مطمئناً ومدركاً لذلك, فلن ينال هذا الشعب أي خسارة, أنه فقط ضحية ذعر لا مبرر له.. وأكرر وأكرر أن بلادنا بخير". جانب آخر في حديث الملك، يتعلق بالفوائض المالية التي تستثمرها الحكومة في الخارج بواسطة مؤسسة النقد، فالملك قطع أي شكوك تحوم حول هذا الجانب، قائلا: كدولة وأموال دولة لم نتضرر، ففوائض نفطنا في مأمن, ولم تتعرض إلى أي إشكالات في الأسواق العالمية، كما أن القطاع الخاص لديه القدرة على أن يحمي أمواله واستثماراته". ما يشجع على بلوغ رسالة خادم الحرمين الشريفين إلى المواطن منذ الصباح الباكر أمس، أن سوق المال المحلية استعادت وهجها وتحررت من التأثيرات السلبية الخارجة عن قواعد الاقتصاد المحلي، وما حدث لسوق المال إشارة قوية إلى أن خطاب الملك بلغ هدفه وتحقق مراده وكان بالفعل القول الفصل في قوة اقتصادنا وصلادة أطرافه في وجه العاصفة العالمية.
إنشرها