Author

"سابك" مقابل "جنرال موترز"

|
قبل نحو سنة تطرقت لصفقة مالية بين مجموعة سيتي المصرفية وصندوق سيادي خليجي تخطت قيمتها سبعة مليارات دولار، وتم الاتفاق آنذاك على أن يسمح لهذا الصندوق الخليجي بتملك أسهم "سيتي بنك" 2010 بسعر 32 دولارا. وأخيرا انهارت أسعار أسهم مجموعة سيتي بنك لتصل إلى 3.77 دولار للسهم، إذا التجارة شطارة والقرارات الاستثمارية خاصة مع الوضع الأمريكي الحالي تعتمد على المثل القائل "فتح عينك تأكل ملبن". وهنا أكرر يجب علينا جميعا في الخليج تفتيح أعيننا جيدا وأن نقوم بمراجعة ودراسة قراراتنا الاستثمارية بعناية قبل اتخاذ أي خطوات قد نندم عليها في المستقبل. فمن خلال المتابعة أستطيع القول إن الدول الصناعية الكبرى في ظل الأزمة المالية العالمية تقوم بمراجعة أوضاعها الاقتصادية ورسم خطط استراتيجية جديدة ومتطورة تعتمد على قطاعات حديثة وتزداد أهمية في المستقبل. وكل هذا يجب أن يزيدنا حرصا لكي لا يقومون ببيع صناعاتهم القديمة على دول الخليج من خلال سماسرة ومستشارين لا يهمهم سوى العمولات وقد يفرحون في حال أثبتت الأيام أننا استخدمنا مواردنا المالية في استثمارات ليس لها قيمة مستقبلية وتنتهي صلاحيتها خلال خمس أو عشر سنوات. فمثلا هناك حديث يدور حول جهود أمريكية لإقناع المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج بشراء حصص وضخ سيولة باتجاه عمالقة صناعة السيارات كـ "جنرال موترز" و"فورد" بعد أن تعرضت أخيرا كلتا الشركتين إلى ضغوط مالية. والغريب أن الحكومة الأمريكية تتخذ إجراءات لإنقاذ قطاعات خدمية كالمصارف والتأمين ولا تهتم بشأن قطاع صناعة السيارات رغم أن شركات السيارات والشركات المتعاقدة معها هي مصدر وظائف لعدة ملايين من الأمريكان. لهذا يجب أن نكون أكثر حذرا ونتحقق من عدم وصولهم لقناعة بأن قطاع صناعة السيارات سيشهد تغييرا جذريا أو أنهم قد أوشكوا على التوصل إلى اختراعات جديدة في هذا المجال. وإلا لماذا تقوم الحكومة الأمريكية بإنقاذ قطاعات خدمية مثل المصارف وشركات الرهن العقاري والتأمين، وفي الوقت نفسه تتردد أمريكا في تقديم العون لقطاع صناعة السيارات، والذي كما ذكرت يوظف ملايين الأمريكان؟ وعلى الساحة المحلية استمر مؤشر أسعار الأسهم السعودية في الانخفاض حتى وصلت أخيرا أسعار أسهم أغلب الشركات القيادية وصاحبة المشروعات الاستراتيجية بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الوطني إلى ثلث قيمتها السعرية التي سجلتها بداية هذا العام. أيضا كل هذه التراجعات تتزامن مع تكرار الحديث حول قرب السماح للأجانب وصناديقهم الاستثمارية بالتعامل في سوق أسهمنا بشكل مباشر وليس عبر آلية المبادلة التي طبقناها أخيرا. وهل يعقل أن تقوم رؤوس أموالنا بشراء شركات ومصانع سيارات تتواجد في أسواق وعلى أراض بعيدة عن الوطن وتوظف رجال غير شبابنا!! ثم تأتينا رؤوس أموال أجنبية لتستحوذ على أفضل ما تقدمه شاشة تداول من مفخرة الصناعات الوطنية بعد أن صرفت عليها حكومتنا آلاف المليارات، التي أيضا سيكون لها شأن في المستقبل حين يستعيد الاقتصاد العالمي عافيته!! ومن المتعارف عليه أن مجال البتروكيماويات هو مجال صناعة متجددة وسوف يحتاج إليه العالم إلى عقود من الزمن، إلا أن صناعة السيارات في المقابل قد تكون قريبة من فترة تغيير جذري يشير إلى اختراعات جديدة لمكائن مختلفة كليا عن تلك التي تستخدمها المصانع التقليدية... وأترك لكم الخيار أعزائي القراء فماذا تختارون "سابك" أو "جنرال موتورز"؟
إنشرها