Author

هل غيرت الأزمة من الاستحقاق العلمي للتمويل الإسلامي؟

|
الذي يرغب في أن يتخصص في مجال التمويل الإسلامي كان لابد أن يتقن ثلاثة علوم ومعارف أساسية الأول فقه المعاملات المالية والثاني التمويل التقليدي وتطبيقاته في المؤسسات المالية والثالث تطبيقات المعاملات المالية الإسلامية في المؤسسات المالية الإسلامية، وفي بعض الأحيان يتخصص البعض في الاقتصاد الإسلامي كإطار عام من خلال دراسة النظام الاقتصادي الإسلامي وأهدافه وأسسه، وهذه العلوم والمعارف ضرورية لكي يصبح المالي أو المصرفي ملماً بالتمويل الإسلامي وهناك بعض المعارف الأخرى المساعدة مثل المحاسبة والقانون والإدارة والتي تجد البعض متخصصا فيها إضافة إلى ما سبق، والجدير بالذكر أن هذا الاستحقاق العلمي ساعد كثيراً في استيعاب المصرفية وتطبيقاتها من قبل الكوادر العاملة في هذا المجال، لكن بعد حدوث الأزمة المالية الراهنة أصبحت هناك تساؤلات كثيرة حول الأثر الاقتصادي الكلي للمنتجات المالية التقليدية والإسلامية، وفي الواقع إن هذا الموضوع قد بحث كثيراً في الندوات والمؤتمرات والمجلات العلمية المتخصصة في هذا المجال تحت مسميات كثيرة منها اقتصاديات التمويل الإسلامي ومقاصد الشريعة في الاقتصاد والكفاءة الاقتصادية لمنتجات التمويل الإسلامي إلا أنه لم يحظ باهتمام كبير في الأوساط المصرفية لتحويله إلى برامج تدريبية يكون هدفها توعية المصرفيين وخصوصاً العاملين في مجالات تطوير المنتجات والمسؤولين عنها بضرورة توافق المنتج مع الأهداف الاقتصادية وهذا ما نبه إليه الاقتصاد الإسلامي مبكراً وهذا أيضاً ما يميز المنهج الإسلامي في الاقتصاد، لأن التصرفات المالية الجزئية لا يمكن عزلها عن الأثر الاقتصادي الكلي الذي يعود في النهاية ويؤثر في دورة حياة المنتج المالي، إذا فالحاجة ماسة وضرورية لتعديل الاستحقاق العلمي للمصرفيين والماليين الإسلاميين لكي يكونوا مستعدين للمرحلة الجديدة المقبلة في الاقتصاد وذلك من خلال تنظيم برامج تدريبية تهتم بدراسة الجدوى الاقتصادية للمنتجات المالية الإسلامية مع قياس الأثر الاقتصادي وهذا التوجه يساعد كثيرا على كشف الأثر الحقيقي للمنتجات المالية الإسلامية قبل إصدار الفتاوى فيها خصوصاً الفتاوى التي تستند إلى دليل الحاجة الاقتصادية ولتحسين قبول المنتج من قبل السلطات الرقابية والإشرافية على النظام المصرفي والمالي، إن المسيرة العلمية والتدريبية للتمويل الإسلامي يجب أن تراعي التعدد المعرفي المواكب للأحداث والوقائع بدلاً من الاسترسال في الترف الفكري والعموميات وهذا هو شأن الجودة في كل المجالات فكلما اهتممنا أكثر بالتفاصيل والوقائع كانت لدينا كليات وعموميات سليمة البنية والأهداف، وأخيراً يجب أن نعي تماما أن عزل العلوم والمعارف عن بعضها ليس دائماً هو الصواب لأنه قد يكون الهدف منها تمرير بعض الأمور لتعارضها مع مسلمات أخرى وإنما درء التعارض لتنظيم التخصص هو المطلوب والله تعالى وحده أعلم.
إنشرها