أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين يؤكدان على المحافظة على التراث الوطني واستثماره لصالح المواطن والاقتصاد، وجعله جزءاً أساسياً من التنمية المستقبلية، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل الآن على تكثيف العمل الميداني الأثري في جميع المناطق، حيث يعمل الآن 25 بعثة سعودية دولية مشتركة، كما أطلقت الهيئة مشروعاً وطنياً لتوثيق التراث العمراني بالتعاون مع الجامعات السعودية.
وأوضح أن التراث الحضاري السعودي يشهد نقلةً مهمة في العناية بالموروث الثقافي، خصوصاً مع التزام الدولة بهذا المسار باعتباره مساراً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مهماً وأصيلاً.
جاء ذلك لدى مشاركة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أمس، كمتحدث رئيس في مؤتمر ''الثقافة.. مفتاح التنمية المستدامة''، الذي تقيمه منظمة اليونسكو، وتستضيفه الحكومة الصينية، خلال الفترة من 15-17 مايو 2013، في مدينة هونغزو، حيث تحدث أمام جلسة بعنوان ''هل يمكن تحقيق التنمية المستدامة بمعزل عن الثقافة؟''، وأدارتها إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو، وشارك فيها الأمير كريم أغا خان رئيس مؤسسة ''أغا خان''، وفاضل حسن عابد الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، وبيتكو دراغنوف نائبة الأمين العام لمؤتمر التجارة والتنمية في هيئة الأمم المتحدة، وويندو نوريانتي نائبة وزير التعليم والثقافة للشؤون الثقافية في إندونيسيا، وعدد من المسؤولين والمتخصصين في مجالات التراث والثقافة.
وأوضح الأمير سلطان أن خادم الحرمين الشريفين، يقود مساراً تاريخياً للعناية بالتراث الحضاري والتاريخي السعودي، حيث تشرف الدولة على برنامج وطني شامل لإعادة استكشاف التراث الوطني وترميمه وتطويره وجعله جزءاً من حياة المواطن والاقتصاد الوطني المحلي، وما يؤكد ذلك أن الدولة استثمرت مبالغ طائلة في تطوير المواقع الأثرية والتراثية وهي مستمرة في ذلك بشكل أكبر في المستقبل، خصوصاً مع تأكيد الدولة المحافظة على الموارد التراثية وتنميتها باعتبارها جزءاً أساسياً مكوناً للتنمية المستدامة.
وتحدث عن إطلاق مشروع وطني للعناية بالبعد الحضاري الذي يشمل عدداً من العناصر مثل الاستكشاف والترميم والتطوير، ليكون نقطة تحول في عمل السياحة الثقافية، حيث تتضمن مشاريع كبيرة مثل المتاحف وتأهيل المواقع الأثرية والتراثية وإعادة استخدام القصور والمباني التاريخية للدولة وتنمية الحرف وتعزيز البنية التحتية للسياحة الثقافية، كما أنها مبادرة مهمة لتعزيز البعد الاقتصادي للموروث الثقافي وترسيخ مفهوم الثقافة المتحفية وثقافة التراث العمراني وزيارة المواقع الأثرية والعناية بها، وتنمية الحرف، وستدعم بشكل كبير الثقافة غير المادية التي عادة ما تفتقر للبنى التحتية التي تهيئها وتبرزها.
وقال رئيس الهيئة، إن الخطة الخمسية للدولة تؤكد أهمية التراث والثقافة، حيث أدركت أهمية التراث في جميع عمليات التنمية، وتعمل على حمايته باعتباره أحد أهم الوسائل للحفاظ على هوية السعودية وما تحتضنه من مواقع لها عمقها التاريخي وبعدها الحضاري.
كما تناول في كلمته خمسة محاور رئيسة، أولها محور بناء القدرات وتقليص الفقر من خلال إيجاد مزيد من فرص العمل في القطاع الثقافي، وخاصة في التراث الثقافي والحرف اليدوية، مشيراً إلى أن الاهتمام بالتراث الوطني تجلى في الكثير من المشاريع التي تم تنفيذها وأخرى ما زال العمل جارياً فيها، سواء ضمن برامج تأهيل القرى التراثية والبلدات التراثية، أو تطوير وتأهيل مراكز المدن التاريخية التي تحتوي على تراث عمراني، أو تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، أو تطوير قصور الدولة التاريخية في عهد الملك عبد العزيز وتحويلها إلى متاحف تعرض تاريخ وتراث المناطق المقامة فيها، وتحتضن الفعاليات الثقافية والتراثية.
وأكد أن الموروث الثقافي يمثل آبار نفط غير ناضبة، ونعمل على الحفاظ على هذا الموروث وتنميته، مشيراً إلى برامج التدريب والتعليم التي تركز على تطوير المنتجات التراثية وجعلها قابلة للاستخدام المعاصر، حيث تتم الاستعانة بخبراء لتطوير الحرف اليدوية التقليدية لتدريب الحرفيين المحليين، ونحاول أن نربط هذه الحرف بآليات ''تسويق'' لتكون منافسة في السوق، ونعمل على إيجاد بيئة سياحية ثقافية متكاملة تحافظ على موروثنا المحلي وتفتح لها مجالات اقتصادية واسعة في المستقبل. ولفت إلى أن الهيئة عملت على تهيئة المجتمع المحلي للمساهمة في السياحة الثقافية والانخراط فيها، مؤكدا أن التحول الذهني الذي حدث للمجتمع السعودي نحو السياحة لم يكن بالأمر السهل، لأن مفهوم السياحة أصل كان مثار تساؤل إلى وقت قريب، معتبراً أن التقبل الذي حدث له يعد نقلة نوعية في العمل السياحي في السعودية.
وأوضح الأمير سلطان أن الهيئة قامت بوضع خطط تنمية للمناطق السعودية، حيث إنه لكل منطقة خطة تنمية سياحية واضحة تركز بشكل خاص على تطوير السياحة الثقافية كأحد العناصر الرئيسة للسياحة من خلال تهيئة وتطوير مواقع الآثار والتراث العمراني، وتحويلها إلى مواقع تاريخ حي ومعاش يحوي التراث غير المادي ويوفر فرصة لاستعادة التراث وتوفير فرصة لتطويره وعرضه بشكل معاصر ومقبول للمواطنين، مع تشجيع المؤسسات الخاصة مثل الجمعيات الخيرية ومؤسسة التراث الخيرية للحفاظ على هذا التراث وتنميته.

